يُعد الطلاق أحد الوسائل القانونية لإنهاء العلاقة الزوجية حينما تستحيل العشرة بين الزوجين، وتعد دعوى الطلاق للضرر أحد أهم أنواع دعاوى التطليق، خاصة في الحالات التي يعاني فيها أحد الطرفين من ضرر مستمر، مثل عدم الإنفاق. في هذا السياق، يوفر القانون الإماراتي تنظيماً واضحاً لحالات الطلاق للضرر، ومن أبرزها الطلاق لعدم الإنفاق من قبل الزوج.
أولاً: تعريف دعوى الطلاق للضرر لعدم الإنفاق
دعوى الطلاق للضرر لعدم الإنفاق هي مطالبة قانونية تقدمها الزوجة إلى المحكمة الشرعية المختصة تطلب فيها الطلاق بسبب امتناع الزوج عن الإنفاق عليها، مع توفر الشروط القانونية المقررة. وتستند هذه الدعوى إلى قاعدة شرعية وقانونية مفادها أن النفقة حق للزوجة على زوجها ما دامت في عصمته، فإذا امتنع عن أدائها بغير مبرر شرعي، جاز لها أن تطلب التفريق بينهما.
ثانيًا: الأساس القانوني في القانون الإماراتي
ينظم المرسوم بقانون اتحادي رقم (41) لسنة 2024 في شأن إصدار قانون الأحوال الشخصية أحكام الطلاق للضرر، حيث تنص المادة 71 منه على أنه:
"لكل من الزوجين الحق في طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف بينهما، وللمحكمة أن تحكم بالتطليق إذا ثبت الضرر وتعذّر الإصلاح."
كما تنص المادة 77 على أنه
" 1. إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته أو تعذر استيفاء النفقة منه أمهلته المحكمة مدة لا تزيد على (30) ثلاثين يوماً، فإن امتنع عن السداد دون أن يبدي عذراً مقبولاً طلقت عليه المحكمة.
2. إذا ادعى الزوج الإعسار بالنفقة الواجبة لزوجته وأثبته، أمهله القاضي مدة لا تزيد على (90) تسعين يوماً، فإن امتنع عن السداد بعد انتهاء الأجل طلق عليه القاضي. وفي جميع الأحوال، يقع الطلاق في هذه الحالة بائناً بينونة صغرى.
3. إذا تكرر رفع الدعوى لعدم الإنفاق أكثر من مرتين وثبت للمحكمة في كل منهما عدم الإنفاق وطلبت الزوجة التطليق لعدم الإنفاق طلقها القاضي عليه بائناً."
وبالتالي، فإن امتناع الزوج عن الإنفاق يُعد ضررًا مشروعًا يبيح للزوجة طلب الطلاق، سواء كان الامتناع متعمدًا أو بسبب عجزه المادي، متى ثبت أنه لا يفي بواجباته الأساسية تجاه زوجته.
ثالثًا: آليات وإجراءات دعوى الطلاق لعدم الإنفاق
تتم دعوى الطلاق لعدم الإنفاق وفقًا للإجراءات التالية:
1- تقديم طلب التسوية
تبدأ الإجراءات بتقديم طلب تسوية ودية إلى قسم التوجيه الأسري في المحكمة، الذي يسعى لحل النزاع بين الزوجين صلحًا خلال مدة أقصاها 30 يومًا. إذا لم يُتوصل إلى اتفاق، يُحال النزاع إلى المحكمة.
2- رفع الدعوى القضائية
تقوم الزوجة بعد ذلك برفع دعوى أمام المحكمة الشرعية، وتُرفق بها المستندات الداعمة، مثل:
عقد الزواج.
شهادة بعدم الإنفاق (إن وجدت).
إفادات شهود.
أي مستندات تثبت امتناع الزوج عن الإنفاق، مثل إنذارات قانونية أو مراسلات.
3- إثبات الضرر
تقع على عاتق الزوجة مسؤولية إثبات الضرر المتمثل في عدم الإنفاق. ويمكن إثبات ذلك بعدة وسائل مثل الشهود، أو المستندات، أو تقارير الجهات المختصة.
4- حكم المحكمة
إذا اقتنعت المحكمة بوجود الضرر واستمراره، وأن الزوج غير راغب أو غير قادر على الإنفاق دون وجود مبرر، فإنها تصدر حكمًا بالتفريق للضرر.
رابعًا: حالات خاصة
إذا كان الزوج معسرًا: لا يُعفى الزوج من المسؤولية لمجرد الفقر، بل يجب أن يثبت عجزه الكامل عن الإنفاق، كما يمكن للمحكمة إعطاء مهلة للزوج لتحسين وضعه، وإذا استمر العجز، فقد تحكم بالتطليق.
الغيبة الطويلة بدون إنفاق: إذا غاب الزوج وامتنع عن الإنفاق لمدة طويلة دون مبرر، يمكن للزوجة طلب الطلاق حتى دون حضوره، وفقًا لما تقرره المحكمة من إجراءات.
خامسًا: موقف الفقه الإسلامي
تتفق أغلب المذاهب الفقهية مع ما نص عليه القانون الإماراتي، حيث يرون أن عدم الإنفاق يُعد ضررًا مشروعًا يبرر طلب الطلاق، خاصة إذا أدى إلى الإضرار بالزوجة أو اضطرارها لطلب المساعدة من الغير.
و آخراً فإن الطلاق للضرر بسبب عدم الإنفاق وسيلة قانونية تحمي الزوجة من المعاناة نتيجة تخلي الزوج عن مسؤولياته. ويؤكد القانون الإماراتي من خلال نصوصه على حفظ كرامة المرأة وصون حقوقها المالية والمعنوية. ومع ذلك، فإن التوفيق بين الطرفين يظل الخيار الأفضل إن أمكن، حفاظًا على استقرار الأسرة، وهو ما تسعى إليه مراكز التوجيه الأسري قبل وصول النزاع إلى ساحة القضاء.
وختاماً فيمكنكم من خلال موقع المحامي التواصل مع أفضل المحامين المتخصصين في قضايا الأحوال الشخصية في الإمارات العربية المتحدة.