نحن متاحون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لتقديم الدعم القانوني

الطلاق للشقاق في القانون الإماراتي

الطلاق للشقاق في القانون الإماراتي

الزواج رابطة شرعية تقوم على المودة والرحمة، ولكن قد تنشب الخلافات بين الزوجين إلى درجة يصعب معها استمرار الحياة الزوجية، مما يؤدي إلى ما يُعرف بالشقاق. وفي هذه الحالة، يتيح القانون الإماراتي لأحد الزوجين طلب الطلاق للشقاق كوسيلة قانونية لإنهاء العلاقة التي أصبحت مؤذية أو غير قابلة للاستمرار.

أولًا: تعريف دعوى الطلاق للشقاق

الطلاق للشقاق هو دعوى قضائية يرفعها أحد الزوجين عندما يصل الخلاف بينهما إلى حدٍّ يجعل استمرار الحياة الزوجية مستحيلًا أو ضارًا. ويُقصد بالشقاق تفاقم النزاع بين الزوجين بحيث تتعذر المعاشرة بالمعروف، وتفشل كل محاولات الإصلاح، فيصبح الانفصال هو الحل الأنسب.

ويختلف الطلاق للشقاق عن الطلاق للضرر، إذ أن الطلاق للضرر يتطلب إثبات ضرر محدد واقع من الطرف الآخر، بينما الطلاق للشقاق يمكن أن يُبنى على استحالة استمرار العلاقة نتيجة الخلافات المتكررة، حتى دون ضرر مادي واضح.

ثانيًا: الأساس القانوني في القانون الإماراتي

ينظم المرسوم بقانون اتحادي رقم (41) لسنة 2024 في شأن إصدار قانون الأحوال الشخصية أحكام الطلاق للشقاق. وتنص المادة 71 منه على ما يلي:

" لكل من الزوجين الحق في طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف بينهما، وللمحكمة أن تحكم بالتطليق إذا ثبت الضرر وتعذّر الإصلاح."

وتنص المادة 72 على أنه:

" إذا لم يثبت الضرر تحكم المحكمة برفض الدعوى، فإن استمر الشقاق بين الزوجين فللمتضرر منهما أن يرفع دعوى جديدة بعد صيرورة الحكم باتاً أو (6) ستة أشهر من صدور الحكم الابتدائي أيهما أبعد ما لم يحدث ضرر جديد يُوجب الفسخ أو طرأت ظروف ووقائع جديدة تُقدرها المحكمة، فإن تعذر الإصلاح بينهما، تعين على كل واحد من الزوجين اختيار حكم من أهله خلال الأجل الذي تُحدده المحكمة، وإلا عينت المحكمة حكمين من أهليهما إن تيسـر، وإلا فمن غير أهلهما ممن تُرجى منهما القدرة على الإصلاح، ويُحدد لهما مدة تحكيم لا تزيد على (60) ستين يوماً من تاريخ تعيينهما. "

كما تنص المادة 73 على أنه :

" يستمع الحكمان إلى الزوجين ويتقصيان أسباب الشقاق، ويبذلان الجهد للإصلاح بينهما، ولا يؤثر في سير عمل الحكمين امتناع أي من الزوجين عن التعامل مع الحكمين."

وتنص المادة 74 على أنه

" إذا عجز الحكمان عن الإصلاح بين الزوجين، قررا ما يريانه من التفريق بينهما بعوض أو دونه وتُقدر المحكمة العوض في ضوء العوامل التي أدت إليها ودور كل من الزوجين فيها، وفي جميع الأحوال، يجب ألا يزيد العوض الذي تدفعه المرأة على المهر المثبت في وثيقة الزواج، ويقدم الحكمان إلى المحكمة تقريراً يشتمل على جميع ما قاما به في سبيل الإصلاح بين الزوجين، والرأي الذي انتهيا إليه مع بيان الأوجه التي استند إليها."

 

ثالثًا: آليات دعوى الطلاق للشقاق

1- طلب التوجيه الأسري

يبدأ النزاع عادة بتقديم طلب إلى قسم التوجيه الأسري، الذي يحاول الصلح بين الزوجين خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا. إذا لم تتم التسوية، يُحال النزاع إلى المحكمة المختصة.

2- رفع الدعوى أمام المحكمة

يتم رفع دعوى الطلاق للشقاق رسميًا أمام المحكمة، ويُطلب فيها التطليق بسبب استمرار الخلافات واستحالة استمرار الحياة الزوجية. يمكن لأي من الزوجين تقديم الدعوى، سواء الزوجة أو الزوج.

3- محاولة الإصلاح القضائية

تحاول المحكمة مجددًا الإصلاح بين الطرفين، وعند الفشل، تقرر تعيين حكمين من الأقارب إن أمكن، أو من ذوي الخبرة والنزاهة.

4- تقرير الحكمين

يقوم الحكمان بمحاولة التوفيق بين الزوجين. وإذا تعذر الصلح، يرفعان تقريرًا إلى المحكمة يحددان فيه الطرف المتسبب في الشقاق، ويوصيان إما بالتفريق أو الصلح.

  • إذا ثبت أن الزوج هو المخطئ، وطلبت الزوجة الطلاق، قد يُحكم لها بحقوقها كاملة.

  • إذا ثبت أن الزوجة هي المخطئة، قد يُحكم لها بالطلاق مع فقدان بعض الحقوق المالية.

  • إذا تساوى الطرفان في الخطأ، قد يتم التفريق دون تحميل أحدهما المسؤولية الكاملة.

5- الحكم بالتطليق

بعد تسلم تقرير الحكمين، تصدر المحكمة حكمها بالتفريق، مع بيان تبعاته القانونية (العدة، النفقة، الحضانة، إلخ).

رابعًا: مميزات هذا النوع من الطلاق

  • لا يشترط إثبات ضرر معين: خلافًا للطلاق للضرر.

  • يلجأ إليه عندما تفشل محاولات الصلح.

  • يهدف للحفاظ على كرامة الطرفين وتفادي تحميل أحدهما أضرارًا غير عادلة.

  • يستند إلى رأي الخبراء أو الأقارب (الحكمين) مما يعزز الموضوعية في القرار.

خامسًا: الجوانب الشرعية

يتماشى هذا النوع من الطلاق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، التي تُقر بأن استمرار الزواج بالإكراه منافٍ للرحمة والسكن، وأن الطلاق قد يكون الحل المشروع حينما تنقطع وسائل التفاهم.

و آخراً فإن الطلاق للشقاق هو خيار قانوني وإنساني عندما تبلغ الخلافات بين الزوجين مداها، ويغدو استمرار الحياة الزوجية عبئًا نفسيًا أو اجتماعيًا. وقد نظم القانون الإماراتي هذه الدعوى بطريقة توازن بين حفظ الأسرة وإعطاء كل طرف حقه في الخلاص من علاقة غير قابلة للإصلاح. ومع ذلك، يظل الصلح هو السبيل الأمثل ما دام ممكنًا، وهو ما تحرص عليه كل من الجهات القضائية والاجتماعية في الإمارات.

وختاماً فيمكنكم من خلال موقع المحامي التواصل مع أفضل المحامين المتخصصين في قضايا الأحوال الشخصية في الإمارات العربية المتحدة.